راقبتها في صمت وهي تتحسس وجهها في مرآة التسريحة في امتعاض واشمئناط! تجذب جلد خدها الأيمن إلى أعلى ثم إلى أسفل، ترمي رأسها إلى الخلف وتمسك بذقنها، تمرر أصابعها على أطراف شفتها العليا، تشد جفنها الأيسر إلى جانب وجهها ثم إلى أعلى، "تفعص" كيس منتفخ تحت عينيها بسبابتها، تضغط وجنتيها بإبهامها، ثم ترمي وجهها خلفها في يأس وترمقني بنظرة حانقة!
اختفي قليلا ثم أعاود التلصص خلسة!
شاهدتها تلملم قميص نومها إلى خلف ظهرها بيد واحدة، تتحسس بطنها وأردافها، تستدير 90 درجة إلى اليمين، تنظر لنفسها نظرة غير راضية، تعود لتقف أمام المرآة وكأنها تسب نفسها، تستدير 90 درجة إلى اليسار، تنظر لنفسها نظرة غير راضية، تلتفت لي وتقول "لازم أخس! من بكرة هعمل رجيم!"
وكما راقبتها في صمت، استرقت السمع إليهن! سمعت أحاديثهن عن رجيم الموز ورجيم الزبادي ورجيم الردة ورجيم الجوع ورجيم الوجبة الواحدة! استمعت إلى حوارات كثيرة كان محورها الرفض؛ رفض الزوج أو رفض العريس أو رفض الذات! لم تكن أي منهن راضية عن وجهها أو شعرها أو جسدها أو وزنها!
في هذا الزمن – زمن طفولتي وأوائل مراهقتي – لم يتحدث أحد عن عمليات شد الوجه أو الحقن أو البوتكس أو شفط الدهون أو تدبيس المعدة أو تكبير الثدي أو شد العضلات جراحيا! كانت هناك أجهزة منزلية لتدليك مناطق الدهون لإذابتها وأجهزة للرياضة المنزلية وشرائط فيديو إيروبكس جين فوندا وراكيل ولش! كانت هناك الوصفات لحرق الدهون وصد النفس وجدل مستمر حول ترك وجبة الإفطار أو ترك وجبة الغداء!
بدأت مراهقتي وقد تشبعت برفض الذات! كرهت التصاق فخدي مهما نقص وزني! كرهت لون شعري واشتهيت الأصفر الأشقر موضة العصر! كرهت تجاعيد شعري وبدأت رحلة اللف والنوم بالبوكلات والسيشوار المنزلي وزيارات الكوافير ورحلات عذاب المكوى ولسع صيوان الأذن وخلطات الزيوت ووصفات العطار والفرد الكيماوي والصبغات وشامبوهات تلوين الشعر!
أتذكر عيد ميلاد غادة! ارتديت حمالة الصدر المستوردة إياها – حمالة بصدر منه فيه – وارتديت فستان جميل وحذاء رائع وتألقت في الرقص والضحك مع صديقاتي ثم عانقتني غادة بشدة وحب! عانقتني حتى تطبق صدري! صرخت غادة في فزع "مروة! صدرك اتطبق!"
كنت في الخامسة والثلاثين عندما قررت أن أبدأ رحلة التوقف عن كراهية نفسي! قررت أن أزيل الوشوم التي دقتها النساء من حولي على وعيي وتفكيري وإدراكي لذاتي ولجسدي وللتفاعل بيني وبين الزمن! بدأت رحلتي وحيدة عنيدة كحالي في جميع رحلاتي! تخليت عام بعد عام عن كل ما هو ليس بطبيعي! رحلة صعبة ومستمرة وخطواتها بطيئة وانتكاساتها كثيرة!
صمدت!
تخليت عن طبقات كريم الأساس والبودرة وأحمر الخدود وأحمر الشفاه وقلم تحديد الشفاه والماسكارا وظلال الجفون وتقبلت نمشي الخفيف وبقايا كلف الحمل وشفتاي وجميع ألواني وتقسيمات وجهي وجسدي! ساعدني ابني كثيرا! البداية كانت خوفي عليه من الاتساخ ثم خوفه مني كلما تغير شكل وجهي بالألوان! كلما رش وجهي بالماء وضحكنا كلما تأكدت أنني اليوم أحلى! اليوم هو يراني أجمل الجميلات!
أخر ما أحتاج أن أتخلى عنه هو الصبغة! هل أستطيع أن أودع الشعر الأحمر الناري؟ البني الكستنائي؟ الأصفر؟ البرتقالي؟ هل أستطيع أن أحب الشيب؟ هل أستطيع أن أتلمس في حب خصلاتي البيضاء مثلما أتحسس خطوط الخبرة في وجهي؟
أنا شاب في العشرينات، كانت لدي ميول مزدوجة منذ الصغر مع ميل أكثر للذكور وحاولت أن أتعافى من جانب ميولي تجاه الذكور مع طبيب نفسي متخصص لمدة عامين ولم يتحسن الوضع. م تكن لي أي ممارسة جنسية مطلقا مع كلا الجنسين من قبل.
ثم حظيت مؤخراً بممارسة جنسية مثلية كاملة. لم استطع تحديد مشاعري تجاه الأمر لمدة يومين، ثم توصلت إلى أن الممارسة المثلية لا تناسبني، لأنّي لم أشعر بأي متعة في أي مرحلة من مراحل الممارسة. كما أن ميولي تجاه الجنس الغيري لاتزال كما هي، أشعر بإثارة ولكن بدرجة منخفضة، ومنذ تلك الممارسة المثلية لم أشعر بإثارة جنسية تجاه أي شخص، ولم أعد أشعر برغبة في مشاهدة البورن، ولم تعد لدي رغبة في الاستمناء.
لقد مر شهر منذ تلك الممارسة، ولا أتذكر الجنس إطلاقاً إلا إذا تم ذكره أمامي، مع العلم أن حياتي قبل تلك الممارسة كانت مليئة ونشطة جداً بالتخيلات والأفكار والأحلام، وكانت رغبتي دائمة ومشتعلة، وكنت أمارس الاستمناء بانتظام، ولنقل أن 70% منها كانت رغبتي تتجه نحو الرجال و 30% نحو النساء، وأحياناً أثناء مشاهدة فيلم بورن، يضطرب ميولي بشدة بين كلا الطرفين.
الآن لا أشعر بأي شيء أبداً، أي فكرة أو صورة تعرض أمامي بالصدفة، أشعر ناحيتها بمشاعر حيادية باردة جداً، وأخشى أن تظل حياتي هكذا إلى الأبد، لأني أشعر أن هذا شيء غير طبيعي. هل أنا لاجنسي من الأساس والممارسة هي ما كشفت ذلك؟ أم أنني بحاجة إلى طبيب نفسي؟ مع العلم أني مستقر نفسياً ولكني مندهش لانعدام رغباتي الجنسية لكلا الطرفين.
عزيزي أحمد،
ربما تكون لا جنسياً بالفعل!
تعريف اللاجنسية هو عدم الانجذاب الجنسي تجاه الإناث أو الذكور على السواء. عدم الانجذاب هنا يشمل الرغبة أو الاستثارة أو الممارسة الفعلية. اختلف علماء الاجتماع والأطباء النفسيين عند التعامل مع اللا جنسية؛ هناك من تقبلها كتوجه جنسي في حد ذاته مثلها مثل المتباينين جنسياً أو المثليين جنسياً أو المزدوجين جنسياً أو المتحولين جنسيا!
والا جنسية تختلف عن الامتناع عن ممارسة الجنس؛ هناك الكثير من اللا جنسيين يمارسون الجنس من أجل الإنجاب أو من أجل إرضاء الشريك العاطفي! نعم! اللا جنسي قادر على الحب والارتباط ولكنه لا يرغب في ممارسة الجنس. هناك من اللا جنسيين يرغبون في ممارسة الكثير من طقوس الحميمية مثل الأحضان والقبلات واللمسات المختلفة ولكنهم لا يمارسون الجنس الكامل.
قبل أن تصنف نفسك على أنك لا جنسي عليك أن تعرف الآتي:
تكتبها مروة رخا – حاصلة على شهادة المونتيسوري للأطفال حتى ثلاث سنوات من مركز أمريكا الشمالية للمونتيسوري (North American Montessori Center)
المقال الـ59
هتريحيه هيريحك ... هتقرفيه هيقرفك!
طوال شهور حملي وأنا استعد لاستقبال أهم شخص في حياتي وبكل حب وخضوع مررت بجميع مراحل التغيرات النفسية والجسدية التي تعدني لأكون أم ابتداء من قراءة كل ما يقع في يدي عن الحمل ونمو الجنين والرضاعة الطبيعية والولادة الطبيعية وأساليب التربية الإيجابية والتربية عن طريق الترابط والحب، مرورا بمراحل "التعشيش" وتهيئة المنزل لاستقبال طفل، وانتهاء بتغيرات كثيرة في أسلوب حياتي وتفاصيل يومي! كل شيء في رحلة الحمل والولادة والرضاعة بمثابة معسكر تدريبي للأم لرفع قوة التحمل والقدرة على التعايش مع الألم وتعلم الصبر والخضوع لاحتياجات ورغبات كائن بدأ حياته في رحمها وحجمه أقل من حجم بذرة الفول!
على الرغم من مشاعر السعادة والنشوة والسكينة والسلام الداخلي، كانت هناك مشاعر أخرى تجتاحني في بداية تجربة الأمومة! مشاعر سلبية مؤلمة تتأرجح بين الشعور بالفشل والتقصير والخوف والإرهاق إلى حد نقطة الانهيار ونوبات البكاء معلومة ومجهولة السبب وآلام الظهر والأكتاف والذراعين والمعاناة مع الرضيع الباكي – ساعات وساعات قضيتها حاملة إياه صعودا ونزولا وسيرا وركضا وقفزا! تحت وطأة الألم والصدمة نسيت كل ما قرأت في الكتب وأطلقت إشارات الاستغاثة تجاه كل من حولي! للأسف نصحني الكثيرون بترك رضيعي يبكي ونصحني أخرون بإرضاعه لبن صناعي ومزيج من الأعشاب وإعطائه نقاط قليلة من أدوية مهدئة/منومة! أحمد الله على خصال العند والصلابة والصمود! أشكر الله انني لم أقبل النصح!
وسط النصائح المضللة جاءت نصيحة عمتي "هتريحيه هيريحك ... هتقرفيه هيقرفك"!
اليوم أدركت أن هذه النصيحة تعتبر أحد الأعمدة الأساسية في نهج المونتيسوري وهي محور التربية الإيجابية والتربية عن طريق الحب والارتباط والترابط! الطفل – منذ أن كان جنينا – له مطالب واحتياجات؛ إذا استجبت لمطالبه ولبيت احتياجاته "هيريحك" وإذا تصرفت بعند أو كبر أو جهل "هيقرفك"! هيريحك وهو جنين، وهو رضيع، وهو طفل صغير وهو في الحضانة وهو في المدرسة وهو مراهق وهو في الجامعة وهو شاب وهو مستقل عنك أو وهو معتمد عليك! والعكس صحيح ... هيقرفك في كل مراحل عمره!