سلسلة مقالات #مونتيسوري_مصر
تكتبها مروة رخا – حاصلة على شهادة المونتيسوري للأطفال حتى ثلاث سنوات وشهادة المونتيسوري للطفولة المبكرة حتى 6 سنوات من مركز أمريكا الشمالية للمونتيسوري (North American Montessori Center)
المقال الـ 129
كيف تودع طفلك خير وداع؟
يظن البعض أن نهج المونتيسوري هو مجموعة من الأنشطة والأدوات التي تستخدم لتعليم الطفل فيفقدون بهذا التعريف السطحي المعنى الحقيقي لفلسفة المونتيسوري. كلمة السر هي: احترام الطفل! لقد بنت ماريا مونتيسوري أنشطتها وأدواتها وفلسفتها ونهجها حول احترام الطفل في كل ما يخصه. في هذا المقال سأتحدث عن وداع الطفل باحترام! احترام مخاوفه واحترام احتياجاته واحترام المرحلة العمرية التي يمر بها.
قالت أم أنها تخرج إلى عملها وطفلها نائم لتتجنب تشبثه بها!
قالت أم أخرى أنها "تلهي" طفلها في أي شيء وتختفي دون أن يلاحظ!
قالت أم ثالثة أنها تتركه يبكي وسيتوقف عن البكاء عندما ينساها!
قالت ميس إيمان فكري معلمة آدم وهي تشرح له الهيكل العظمي أن لولا وجود العمود الفقري لتحول الجسد إلى هلام ومثلت أمام الأطفال شكل انهيار الجسد وتقوضه على الأرض.
هل تعرفون من الناحية النفسية ما هو مرادف العمود الفقري؟ ما هو الشيء الذي يمنعنا من الانهيار ومن الغرق في دوامات المشاكل النفسية؟ ما الذي يبقينا أسوياء متزنين متماسكين؟
ليس الحب! ليست السعادة! ليس الذكاء! ليست المعرفة!
الإجابة هي: الأمان!
الشعور بالأمان هو العمود الفقري الذي لا نراه ولا نلمسه ولكننا بدونه نتحول إلى هلام! كبالغين نشعر بالأمان في وجود الإيمان واليقين ... في وجود مأوى وطعام وشراب وكسوة ... في وجود دخل ثابت ... في وجود الأهل والأقارب والأصدقاء ... في وجود الحب!
أما الطفل فيشعر بالأمان فقط في وجودك! أنت – أمه – الإيمان واليقين والمأوى والطعام والشراب والكسوة والأهل والأصدقاء والحب! أنت كل شيء!
ضعي نفسك مكان طفلك وهو يستيقظ من النوم ليجدك قد هجرتيه ويتكرر الهجر كل مرة تتركيه نائم وتخرجي! كم مرة تعرض لهذا الزلزال النفسي؟ كيف ستشعرين إذا استيقظت ولم تجدي سيارتك وبعد 8 ساعات أعادها شخص ما؟ كيف تشعرين إذا ضاعت منك مفاتيح سيارتك فجأة؟ كيف ستشعرين إذا ضاعت محفظتك فجأة؟ كيف ستشعرين إذا ضاعت مفاتيح منزلك؟ كيف ستشعرين إذا فقدت أوراقك الرسمية كلها؟ هذه مقارنات مبسطة إلى أقصى درجات البساطة علك تشعرين بما يشعر به طفلك!
ضعي نفسك مكان طفلك الذي يلتفت حوله فجأة فلا يجدك! لقد برمجت طفلك على ترقب الفقد وتوقعه ... ترقب وتوقع فقد الحب ... ترقب وتوقع الحزن في عز الفرح ... ترقب وتوقع فقد الأهل والسند في أي وقت وسيلازمه هذا الشعور طيلة حياته!
أكثر ما يؤلم الإنسان في الفقد هو افتقاد الفرصة الأخيرة للوداع ... الفرصة الأخيرة للتعبير عن الحب ... النظرة الأخيرة ... الكلمة الأخيرة ... الذكرى الأخيرة! لهذا عزيزتي الأم ... من فضلك ... احترمي طفلك واحتياجه للأمان! تفهمي أن طفلك قبل عامين غير قادر على استرجاعك من الذاكرة ليطمئن نفسه. تفهمي أن كل طفل مختلف وإذا رأيت طفلك متشبث بك لا تدفعيه دفعا في متاهات الأمراض النفسية المستقبلية؛ احتويه واحتضنيه واصبري حتى تمر الأعوام الأولى بسلام. سيكبر وسيستقل عنك وستكون لك مطلق الحرية عندها للخروج والعمل والدراسة.
إذا اضطررت للخروج،
Montessori Egypt by Marwa Rakha
No comments:
Post a Comment